المبتدع يتعلق ببدعته ويعض عليها بالنواجذ؛ لأنه يرى أنها بدعة حسنة وأنها من الشرع، وهو باعتقاده هذا يزيدها في نفسه رسوخا، ويدعو إليها وينافح عنها فتستشري هذه البدعة وتنمو وتنتشر، وقد يكون له فيها الأتباع والأنصار فيزداد بها تعلقا، ومن ثم يصعب أن يقبل الحوار حول مجافاتها للكتاب والسنة وما كان الصحابة عليه والتابعون وتابعوهم بإحسان. وحيت إن البدعة زيادة في الدين أو نقص منه أو تحريف له، وشرها يتعدى صاحبها إلى أناس آخرين فتموت بسببها السنن، وتفشو بين العامة وتندثر معالم السنة، ويظهر أهل الأهواء والتأويل وينحسر أهل الحق وتقل جهودهم بسبب هؤلاء المبتدعة؛ فلهذا اختلف العلماء في هؤلاء المبتدعين هل لهم من توبة أم لا:
وسبب اختلافهم في قبول توبة المبتدع دون العاصي: أن المبتدع كما قلنا أشرب قلبه البدعة، وتمكنت من نفسه وسرت في عروقه حتى سرى الران على قلبه وأعمته غشاوة ضلالته عن الحق، فركس في العماية وانغمس في أوحال البدعة، وصار لا يرى حقا إلا هذه البدعة ولا صوابا إلا هذا الرأي المحدث المتجانف عن صراط الله السوي مما جعل قبوله الحق ورجوعه إليه وسماع نصح أهل الحق أمرا بعيد الملتمس؛ فلهذا اختلف العلماء في قبول توبته لاستبعادهم وقوع التوبة النصوح منه وحاله ما ذكرنا.
والمقصود بقبول التوبة القبول الحكمي؛ لأنه مناط معاملة مثل هؤلاء القوم المنحرفين أما قبول التوبة عند الله سبحانه فأمره إلى الله جل