للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - مذهب المالكية

١ - (جاء في المدونة الكبرى ما نصه: (كتاب المحاربين)

(ما جاء في المحاربين)

قلت لابن القاسم: أرأيت أهل الذمة وأهل الإسلام إذا حاربوا فأخافوا ولم يأخذوا مالا ولم يقتلوا فأخذوا كيف يصنع بهم الإمام في قول مالك؟ قال: قال مالك إذا أخافوا السبيل كان الإمام مخيرا إن شاء قتل، وإن شاء قطع، قال مالك: ورب محارب لا يقتل وهو أخوف وأعظم في خوفه ممن قتل.

(قلت): فإن أخذه الإمام وقد أخاف ولم يأخذ مالا ولم يقتل أيكون الإمام مخيرا فيه، يرى في ذلك رأيه إن شاء قطع يده، وإن شاء قطع رجله، وإن شاء قتله وصلبه، أم لا يكون ذلك للإمام؟ قال: قال مالك: إذا نصب وأخاف وحارب وإن لم يقتل كان الإمام مخيرا، وتأول مالك هذه الآية قول الله - تبارك وتعالى -، في كتابه {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (١)، قال فقد جعل الله الفساد مثل القتل.

قلت: وكذلك إن أخاف ولم يأخذ المال، قال: إذا أخاف ونصب ولم يأخذ المال فإن الإمام مخير، وقد قال مالك: وليس كل المحاربين سواء، قال مالك: منهم من يخرج بعصاه أو بشيء فيؤخذ على تلك الحال لم يخف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل، قال مالك: فهذا لو أخذ فيه بأيسره لم أر بذلك بأسا.

قلت: وما أيسره عند مالك؟ قال: أيسره وأخفه أن يجلد وينفى ويسجن في الموضع الذي نفي إليه.

قلت: وإلى أي موضع نفي هذا المحارب إليه إذا أخذ بمصر؟ (قال:) قد نفى عمر بن عبد العزيز من مصر إلى شغب، ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال: قد كان ينفى عندنا إلى فدك أو خيبر، وقد كان لهم سجن يسجنون فيه.

قلت: وكم يسجن حيث ينفى؟ قال مالك: يسجن حتى تعرف له توبة.

قلت: أرأيت إن أخذه الإمام وقد قتل وأخذ الأموال وأخاف السبيل كيف يحكم فيه؟ (قال): يقتله ولا يقطع يده ولا رجله عند مالك.

(قلت:) ويصلبه؟ (قال): قال مالك: لم أسمع أحدا صلب إلا عبد الملك بن مروان؛ فإنه كان صلب الذي كان يقال له: الحارث؛ الذي كان تنبأ، صلبه عبد الملك، (قال): قال مالك:


(١) سورة المائدة الآية ٣٢