للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقام الثاني: مقام الإخلاص، وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه، واطلاعه عليه، وقربه منه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى لأن استحضار ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله، وإرادته بالعمل (١).

وهذا المقام هو الوسيلة الموصلة إلى المقام الأول، ولهذا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للأول فقال: «فإن لم تكن تراه فإنه يراك (٢)».

فإذا تحقق في عبادته بأن الله تعالى يراه، ويطلع على سره وعلانيته، وباطنه، وظاهره، ولا يخفى عليه شيء من أمره، فحينئذ يسهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني، وهو دوام التحقيق بالبصيرة إلى قرب الله تعالى من عبده، ومعيته، حتى كأنه يراه (٣).

وقال الحكمي أيضا: (الإحسان على مرتبتين متفاوتتين: أعلاهما عبادة الله كأنك تراه، وهذا مقام المشاهدة، وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه، وهو أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان، وهذا هو حقيقة مقام الإحسان) (٤).


(١) معارج القبول للحافظ الحكمي جـ ٢ ص ٤٠٠.
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٥٠)، صحيح مسلم الإيمان (١٠)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩١)، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٦).
(٣) انظر: معارج القبول جـ ٢ ص ٤٠٠.
(٤) أعلام السنة المنشورة ص ٧٢.