كما أن الناس بحاجة إلى الغذاء والكساء فهم بحاجة إلى المسكن الذي يأويهم ويقيهم القر والحر. وكما يوجد فئة من الناس تحتكر الأقوات وتتحكم فيها نجد فئة أخرى تقوم ببناء المساكن وتتحكم في تأجيرها بفرض أجور باهظة لا يقوى على دفعها الكثير من الناس.
ففي هذه الحالة يجب تحديد أجور العقارات منعا من الاستغلال والاحتكار والتعسف في استعمال حق التملك.
ويقصد بتحديد أجور العقار تقييم منافعها فقد تكون الحاجة إلى منافع العقارات لا إلى أعيانها، فإذا كانت هناك حاجة عامة لهذه المنافع التي يملكها بعض الناس فعليهم بذلها بأجرة عادلة لا غبن فيها ولا إجحاف بأي طرف من الأطراف.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية:" ونظير هؤلاء صاحب الخان والقيسارية والحمام إذا احتاج الناس إلى الانتفاع بذلك، وهو إنما ضمنها ليتجر فيها، فإذا امتنع من إدخال الناس إلا بما شاء، وهم محتاجون لم يمكن من ذلك وألزم ببذل ذلك بأجرة المثل، كما يلزم الذي يشتري الحنطة ويطحنها ليتجر فيها. . . . ".
فيجب تحديد الإيجارات إذا كان ارتفاعها نتيجة لاحتكار أرباب العقار للمساكن وتواطئهم على رفع أجورها.
أما في حالة ما إذا كان ارتفاع الإيجارات ناتجا عن قلة المساكن وكثرة الطلب عليها فإن تحديد الإيجارات هنا يكون ضربا من ضروب الظلم والعدوان فضلا عن أنه يحد من نشاط الحركة العمرانية في البلاد، كما هو الحال في بلادنا فإن ارتفاع إيجارات المساكن ليس نتيجة لاتفاق أصحابها على رفعها، وإنما سببه في الغالب قلة العقار المعد للإيجار والكثرة الهائلة من طالبي الاستئجار.