للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الخامسة: أدلة الترخيص للرعاة في الرمي

عن عاصم بن عدي عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر (١)» هذا لفظ الموطأ قال مالك تفسير ذلك فيما نرى والله أعلم " أنهم يرمون يوم النحر فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد وذلك يوم النفر الأول ويرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم ذلك لأنه لا يقضي أحد شيئا حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك، فإن بدا لهم في النفر فقد فرغوا وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الآخر ونفروا. أخرجه في الموطأ.

* قال الباجي (٢) قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يقتضي أن هناك منعا خاصا هذا منه لأن لفظة "رخصة" لا تستعمل إلا فيما يخص من المحظور للعذر وذلك أن للرعاء عذرا في الكون مع الظهر الذي لا بد من مراعاته والرعي به للحاجة إلى الظهر في الانصراف إلى بعيد البلاد وقد قال تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (٣) فأبيح لهم ذلك لهذا المعنى. انتهى.

قال (٤) الكاساني: ولا يقال: إنه رخص لهم ذلك لعذر؛ لأنا نقول: ما كان لهم عذر لأنه كان يمكنهم أن يستنيب بعضهم بعضا فيأتي بالنهار فيرمي فثبت أن الإباحة كانت لغير عذر فيدل على الجواز مطلقا فلا يجب الدم. انتهى المقصود.

* وقال (٥) الباجي وقوله: يرمون يوم النحر، أخبر أن رميهم يوم النحر لا يتعلق به رخصة ولا يغير عن وقته ولا إضافة إلى غيره ثم يرمون الغد يريد أنه يرمي لليومين فقال: يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين فذكر الأيام التي يرمي لها وهي الغد من يوم النحر وبعد الغد وهما أول أيام التشريق وثانيهما ولم يذكر وقت الرمي وإنما يرمي لهما في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال ولذلك جمع بينهما في اللفظ فقال: ليومين وقد فسر ذلك مالك على ما تقدم ذكره وفي رواية الترمذي قال: «أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يجمعون رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما (٦)».

قال: قال مالك ظننت أنه قال في الأول منهما: ثم يرمون يوم النفر وفي أخرى له ولأبي داود والنسائي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما (٧)».

وفي أخرى للنسائي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء في البيتوتة يرمون يوم النحر واليومين اللذين بعده يجمعونه في أحدهما (٨)».


(١) سنن أبو داود المناسك (١٩٧٥)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٣٧)، موطأ مالك الحج (٩٣٥)، سنن الدارمي المناسك (١٨٩٧).
(٢) المنتقى ٣/ ٥١
(٣) سورة النحل الآية ٧
(٤) بدائع الصنائع ٢/ ١٣٧
(٥) المنتقى ٣/ ٥١
(٦) سنن الترمذي الحج (٩٥٥)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٩)، سنن أبو داود المناسك (١٩٧٥)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٣٧)، موطأ مالك الحج (٩٣٥)، سنن الدارمي المناسك (١٨٩٧).
(٧) سنن الترمذي الحج (٩٥٤)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٨)، سنن أبو داود المناسك (١٩٧٦)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٣٦)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٥٠)، موطأ مالك الحج (٩٣٥)، سنن الدارمي المناسك (١٨٩٧).
(٨) سنن الترمذي الحج (٩٥٥)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٩)، سنن أبو داود المناسك (١٩٧٥)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٣٧).