تشترط التربية الإسلامية فيمن يقوم بدور المربي شروطا خاصة أهمها الصلاح والعلم والفن (أي الفهم لأساليب التربية وطرائقها وواجباتها، ولنفسية المتعلمين واستعداداتهم وملكاتهم).
فالصلاح وحده لا يصنع معلما، والعلم وحده لا يصنع مربيا، ولكن لا بد من هذه الشروط الثلاثة مجتمعة لتكوين المربي الناجح، ولا يمكن التنازل عن أي منها، وذلك لأن المربي هو الذي يعد أجيال المستقبل، وأي نقص ظاهر فيه أو في سلوكه لا بد وأن ينعكس على تلك الأجيال مضاعفا متفاقما.
ومن هنا كان من الواجب التدقيق في اختيار المعلمين وحسن إعدادهم، خاصة أولئك الذين يقومون بمهمة التربية في مراحلها الأولى حيث تشكل شخصيات الصغار.
فلا يكفي أن يكون المربي متمكنا من مادته، ملما بأحدث النظريات التربوية، محبا للعمل، بل يجب أن يكون قبل كل شيء إنسانا مؤمنا ورعا صالحا، مدركا لجسامة مسئوليته، متميزا بمحبته لطلابه وقدرته على اكتساب محبتهم وتقديرهم، وبالتالي سهولة الوصول إلى قلوبهم وعقولهم (١).
فالجهد التربوي في الإسلام هو في أساسه جهد في مجال الدعوة الإسلامية، والإعداد لإقامة المجتمع الإسلامي الأمثل والمحافظة عليه وتطويره، فإذا لم يكن المربي مؤمنا بذلك ملما بتفاصيله، ملتزما بتعاليمه، فأنى له أن يربي جيلا مؤمنا عالما ملتزما.
وبما أن عملية إعداد المعلم تعتبر جزءا لا يتجزأ من العملية التربوية، فيجب أن تكون فلسفتها وأهدافها وأسسها ومحتواها وأساليبها ووسائلها ومنهجيتها هي تلك التي تميز التربية الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
(١) د. زغلول راغب محمد النجار، أزمة التعليم المعاصر، ط ١ مكتبة الفلاح، الكويت ١٤٠٠هـ، ص ١٤٦.