للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: طريقة التهديد بإنزال العقوبة البدنية أو المادية:

وهذا أسلوب ينفع من بعض الناس فهؤلاء كالنيام لا يستيقظون إلا إذا حلت بهم صيحة، أو قرع آذانهم نذير الألم والبلاء. فهم من ذوي الأحاسيس ولكنها أحاسيس متجمدة لا يذيبها إلا حر الخوف من العقوبة. ويشترك في هذه الطبيعة بعض الرجال، وبعض النساء، وكثير من الفتيان والصبيان. والمربي الوالد، أو المحتسب المجاهد حين يلجأ لهذا الأسلوب القاسي فإنما يقصد الشفقة والرحمة بالمخاطب يريد نجاته من الخسران في الدنيا والهلاك في الآخرة فهو إذا استخدم التهديد بإنزال العقوبة البدنية أو المادية فإنما يقصد الرحمة للمخاطب. فيكون في هذا كما قال الشاعر:

فقسا ليزدجروا ومن يك راحما ... فليقس أحيانا على من يرحم

وقد باشر هذا الأسلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تعرض يوما لمن يتركون صلاة الجماعة فقال: «لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم (١)».

كما درج على نفس الطريقة كثير من الخلفاء والولاة والعلماء. . . . وكان أبرز هؤلاء الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي نشر هيبة الإسلام على سائر الدولة الإسلامية من شدة محاسبته للخاصة والعامة وتهديده بالعقوبة للمتهاونين والعصاة والغافلين.

ومع التهديد بالعقوبة لعله يحسن الهجر والإعراض قبل الانتقال إلى مرحلة تالية ربما كان ذلك خيرا لبعض الوقت، على أنه حين التمادي في ترك المعروف أو الاستحلاء للمنكر ينبغي أن يلجأ إلى الأسلوب الآخر.


(١) رواه مسلم المجلد ٣ الجزء ٥ ص ١٥٣.