تفور مشاعر الشعراء، وتنفعل أحاسيسهم بالمؤثرات التي تهز القرائح فتفجر ينابيع الشعر، وعلى قدر الانفعال بتلك المؤثرات تكون قوة الشعر أو لينه، ومشاعر الشاعر تختلف انفعالاتها باختلاف المؤثر والزمان والمكان والموقف، ويختلف الشعر تبعا لكل ذلك وتبعا لاختلاف الأغراض، بل قد يتفق الغرض وتختلف فيه القصيدة عن الأخرى، كل ذلك يمكن أن يقال في شعر حسان فلا نحكم له بقوة شعره الجاهلي كله ونرمي شعره الإسلامي باللين والضعف، ونتلمس الأسباب لنصم كل شعره الإسلامي بالضعف.
والحق الذي يقال: إن شعر حسان كشعر غيره فيه القوي الرائع وفيه الضعيف، بل إن القصيدة الواحدة للشاعر نرى فيها بيتا يحملنا على أن نحكم له بأنه (عين القصيدة) وإلى جانبه أبيات لا عمق فيها ولا قوة فما لنا نتجنى على حسان المسلم ونتحامل على شعره الإسلامي كله فنصمه بالضعف ولعلنا وفينا بما قدمنا حق شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم على الأجيال جزاء ما قدم من أعز ما يملكه العربي ليدرأ عن الرسول ألسنة الخائضين وهو العرض حيث قال: