للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بين عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود]

كان عبد الله بن مسعود شديد الإعجاب بمنحى عمر بن الخطاب في التفكير، كثير الثناء عليه، فقد قال مرة: " إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم" (١). . . وقال في مرة ثانية: " لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم الأرض في كفة لرجح علم عمر (٢)، وقال مرة ثالثة: " لو أن الناس سلكوا واديا وشعبا، وسلك عمر واديا وشعبا، لسلكت وادي عمر وشعبة (٣).

وإنما كانت هذه الثقة وهذا الإعجاب لأمرين اثنين فيما أعتقد:

أولهما: شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب برجاحة العقل، وسداد الفكر، وصدق العزيمة على اتباع الحق حين قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه (٤)».

ثانيهما: اتفاق ابن مسعود وعمر بن الخطاب في طريقة التفكير، حتى عد وإياه من مدرسة فكرية واحدة، فقال الشعبي: ثلاثة يستفتي بعضهم من بعض عمر وعبد الله وزيد بن ثابت (٥).

وقد اغتر البعض بما سمعوه من ثناء عبد الله بن مسعود على عمر بن الخطاب وعلمه وسعة تفكيره، وبما رأوه من اتفاق ابن مسعود مع عمر بن الخطاب في كثير من المسائل، فظنوا أن ابن مسعود لا يعدو أن يكون ظلا لعمر، يقول بقولهن ويقلده فيما يذهب إليه من اجتهاد حتى قال الإمام الشعبي: " كان عبد الله بن مسعود لا يقنت، ولو قنط عمر لقنط عبد الله بن مسعود" (٦) كما اغتر بعضهم بقول الإمام محمد بن جرير الطبري " كان ابن مسعود يترك مذهبه وقوله لقول عمر، وكان لا


(١) إعلام الموقعين ١/ ٢٢.
(٢) إعلام الموقعين ١/ ٢٠.
(٣) ابن أبي شيبة ١/ ١٠٠ وإعلام الموقعين ١/ ٢٠. .
(٤) أخرجه الترمذي في مناقب عمر بن الخطاب وأبو داود في الخراج والإمارة باب تدوين العطاء.
(٥) إعلام الموقعين ١/ ١٥ وانظر فجر الإسلام ٣/ ٢٩٥.
(٦) إعلام الموقعين ١/ ٢٠.