س: حديث «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (١)» هل هو الناقل عن الملة؟
ج: اختلف أهل العلم فيه. فقيل: إنه لا يخرجه من الإسلام بل هو من العصاة من أهل الإسلام المتغلظة معاصيهم، وإلا لو كان كافرا لما قيد بأربعين. وقيل: إن هذا من أحاديث الوعيد فيمر كما جاء ولا يتعرض له بتأويل. وهذا قول أحمد وعامة السلف؛ لأن ذلك أبلغ في الردع عن الجرائم. فالأول ليس من التأويل. وهو تأدب في المعنى مع اللفظ. والثاني تأدب مع اللفظ، وكل مصيب.
ولكن الأولى أن يقال لمن يظن أنه يرى مذهب الخوارج: لا ينقل فإنه بيان لحكمه، فإن الخوارج زعموا أنه وأشباهه دليل على تكفير العصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وإن كان الحال مأمونا أن ينزع به أحد إلى تكفير العصاة قيل كما في النص: أطلق كما أطلق النص.
وكذلك المنجم والضارب بالحصى والودع، لكن عدم كفر الواحد منهما ما لم يعتقد إباحته، فإن اعتقد إباحته فهو مرتد؛ لأن برهانها ظاهر بالشرع؛ لأنه معلق على الاستخذاء للشياطين بهم. وكذلك ما لم يدع أنه يعلم الغيب، أو يدع التصرف في الوجود في بعض الأشياء. وكثير منهم أو أكثرهم لا ينفكون عن ادعاء علم المغيبات. ويعزر أصحاب هذه الأمور تعزيرا يردعهم وأمثالهم ثم يكف عنهم. والتعزير يرجع إلى الإمام الناظر النظر الشرعي، فإذا اقتضى القتل لا سيما من كان له شهرة في ذلك فإنه يقتل.
(١) سنن الترمذي الطهارة (١٣٥)، سنن أبو داود الطب (٣٩٠٤)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٦٣٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٩)، سنن الدارمي الطهارة (١١٣٦).