أما الجهاد باللسان، فقد طرق أربابه فيه دربا مؤثرا، ودخلوا بالشعر ميدانا من ميادين الذب عن الإسلام، والذود عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك منذ أن وطئت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجره الجديد، فكان حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وغيرهم ممن فتح حربا كلامية في الرد على شعراء قريش وتصيد معايبهم وفضح أقوالهم. . وهذا المنهج هو ما يسمى في العصر الحاضر بالحرب الإعلامية التي لا يقل أثرها عن الحرب بقوة السلاح، فقد «قال قائل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: اهج القوم الذين يهجوننا. فقال: إن أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عليا ليس عنده ما يراد من ذلك، تم قال: ما يمنع القوم الذين نصروا صلى الله عليه وسلم بأسيافهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان: أنا لها وأخذ بطرف لسانه، وقال: والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ فقال: يا رسول الله لأستلنك منهم، كما تسل الشعرة من العجين، فقال: ائت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك».
وكان يدعو له الرسول الكريم بقوله: «إن الله يؤيد حسان ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بروح القدس (١)».
ولمكانة الشعر الذي اعتبره النقاد: صحيفة العرب المعبرة عن أحاسيسهم