وقبل أن نسير في عرض الموضوع نحب أن ننبه إلى حقيقة قد تغيب عن الكثيرين. وهي أن النظام الإداري الإسلامي لا يقوم على الجهاز الحكومي فقط كما هو الحال في النظام الحديث، بل هو يقوم - بصفة أساسية - على الأفراد.
فالنظم الحديثة تجعل ولاية إدارة المرافق العامة احتكارا للسلطة. وهي وحدها التي تقوم بها بصورة " سلطة عامة " تمارس على الأفراد ما نسميه " بالامتيازات الإدارية " وهي وسائل خاصة تتسلط بها على الأفراد وتقهرهم بها، لتتمكن من السير بالمصالح العمومية المتمثلة - في النظم الحديثة - في تسيير المرافق العامة.
وأما إذا قام الفرد بخدمة من الخدمات العادية (كالنقل الحر، أو بيع الأدوية والأطعمة والضروريات) فإنه لا يتمتع في ذلك بالامتيازات الإدارية المذكورة، ولا يقوم بهذه الأعمال كسلطة عامة، وبالطريقة والوسائل التي تقوم بها الحكومة لو أنها قامت بذات هذه الأعمال.