للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإيمان الذي تطمئن به القلوب]

فالإسلام هو دين الحق المطمئن بتعاليمه، المريح بمنهجه، وهو دين إبراهيم الخليل - عليه السلام - أب الأنبياء الذي عرف آيات الله في حداثة عمره، ففي حواره - عليه السلام - مع قومه عندما دعاهم للإيمان بعدما تبدت له الآيات، نراه - عليه السلام - يدعوهم لترك الأصنام، ويخوفهم بها؛ لأن قلوبهم متعلقة بها، لاعتقادهم النفع والضر منها، أما هو فلا يرى غير الله جالبا للنفع أو دافعا للضر، فهو سبحانه الذي يجب أن تؤمن به القلوب، وتسلم أمرها إليه لتهتدي وتطمئن، فتأمن وتستقر، ويبرز هذا العامل الإيماني في هاتين الآيتين الكريمتين اللتين حكاهما الله على لسان إبراهيم عليه السلام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١) {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (٢).

فكان هذا الحوار الكريم من نبي الله - عليه السلام - دعوة قوية للإيمان الذي تطمئن القلوب به، كما أنها حجة قاطعة تسكت من يناقش، فإذا كان الإيمان غريزة في القلوب، والتعلق فطرة فطر الناس عليها، فما هو الطريق الأفضل، وما هو الشيء الذي يريح النفس، ويهدئ من ثائرتها، ويقضي على المشكلات التي تعترضها؟؟

إن ذلك لا بد أن يكون شيئا عمليا، تتجاوب فيه الأحاسيس مع الوجدانيات، وتتعاطف فيه الحواس مع الأعمال، ويكون فيه انسجام بين المعقول والمنقول، وبين الأخذ والمأخوذ منه.

وهذا كله لا يتأتى في علاقته بأوهام، ولا بمعبودات غير مستقرة لا تنفع أو تدفع عن نفسها شيئا.

ولذا جاء وصف الله - جل وعلا - لحوار إبراهيم الذي يدعو للإيمان عقيدة


(١) سورة الأنعام الآية ٨١
(٢) سورة الأنعام الآية ٨٢