جامعة القرويّين من أقدم الجامعات الإسلامية ومقرها مدينة فاس بالمملكة المغربية، وقيل في تأسيسها إن فشل ثورة الفقهاء على الحكم بن هشام الأموي الأندلسي (١٨٠ - ٢٠٦هـ، ٧٩٦ - ٨٢١م) أدى إلى هجرة أفواج كبيرة من العلماء وطلاب العلم من الأندلس إلى فاس هربا من بطش الخليفة، وكان إدريس الأول قد شرع في تأسيسها فاستقبلهم ورحب بهم، وخصص لهم القطاع الشرقي من فاس، وذلك عام ١٩٢هـ - ٨٠٨ م، وخصص في العام التالي الجانب الغربي لإقامته مع فريق آخر من القيروانيين، وهؤلاء هم الذين تسميهم الكتب القديمة بالقرويين ميلا للتخفيف. وعندما كثر الوافدون على مدينة فاس، وصار الناس في حاجة إلى مسجد جامع كبير، تطوعت فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهري القيرواني ببناء مسجد جامع بحي القيروانيين، عرف بجامع القرويين ثم جامعة القرويين نسبة لهذا الحي. كان جامع القرويين بفاس من بين المعاهد العلمية التي ظلت تقوم بدورها التعليمي منذ إنشائها إلى زماننا هذا، بل يعد أقدم جامعة علمية في العالم، وذلك بدليل أن جامعة بولونيا الإيطالية أسست عام ١١١٩م - ٥١٣هـ، وجامعة أكسفورد الإنجليزية عام ١٢٢٩م - ٦٢٧هـ، وجامعة السوربون الفرنسية أسست في القرن الثالث عشر الميلادي. عنيت جامعة القرويين في مراحلها الأولى بالعلوم العربية والإسلامية، ولما كان الفقه من أهم العلوم الإسلامية فقد شغلت به جامعة القرويين التي تبنّت مذهب الإمام مالك، وعملت على إذاعته ونشره، وأصبحت آراء مالك ومؤلفات تلاميذه تحتل زوايا القرويين.