وعندما احتلت فرنسا المغرب، رأت أن تطمئن على ما يجري داخل القرويين لما لها من نفوذ في الحياة الاجتماعية والدينية والثقافية والسياسية في البلاد المغربية، ففصلت السلطة الفرنسية إدارة القرويين عن نظر قاضي المدينة رئيس الجامعة وشكلت مجلسا برئاسة المسيو مرسيه والقبطان ميلي في عام ١٣٣٢هـ - ١٩١٤م، وصدر مرسوم عام ١٣٥٠هـ - ١٩٣١م ينص على أن مراحل التعليم بالقرويين ثلاثة: الابتدائي والثانوي والنهائي، ويشتمل الأخير على قسمين للتخصص الديني والأدبي، وتعرّض العلماء الشباب للحرمان من اعتلاء الكراسي العلمية سنة ١٣٥١هـ - ١٩٣٢م لأن صرخة الاحتجاج ضد سياسة الحماية البربرية قد انطلقت من زوايا القرويين، وعندما حصلت الدولة المغربية على استقلالها وجدت نفسها أمام جيل متباين التكوين: فريق اقتصرت ثقافته على الدراسات العربية والإسلامية، وفريق اقتصرت ثقافته على اللسان الأجنبي وعلومه، فقررت اللجنة الملكية الجديدة سنة ١٣٧٧هـ - ١٩٥٧م توحيد البرامج الدراسية لجميع المدارس، بما في ذلك أطوار التعليم بالمعاهد الدينية، وسلم الملك المغربي جامعة القرويين لوزير التربية الوطنية، وطلب إليه أن يجعل من القرويين نموذجا جامعيا حيا بدلا من المدارس العتيقة، ثم تأسس المجلس الأعلى للتربية الوطنية فخطا الخطوات الحاسمة سنة ١٣٨٠هـ - ١٩٦٠م، وهكذا انصرفت الجهود إلى تحقيق مبدأ التوحيد في مرحلة أولى للتعليم تكون بمنزلة جذع مشترك تتفرع منه مرحلة ذات شعب في السلك الثانوي الثاني، وتفضي حسب مادتها إلى الدراسة في كلية الشريعة أو كلية الآداب أو كلية العلوم، وهذه الكليات هي التي احتضنتها مؤخرا جامعة القرويين.