كانت الأمة الإسلامية أمة واحدة تستظل براية واحدة، وتخضع لقيادة واحدة، فكانت ذات شوكة ومنعة، ثم لم تلبث أن سرت فيها أمراض فتاكة خلخلت بناءها وأفسدت أبناءها فضعفت قوتها وذلت عزتها، فسهل على أعدائها القضاء عليها وتمزيقها إلى دويلات وإمارات استولت على كثير منها فترات طويلة استطاعت فيها أن تفسد عقائدها وأخلاقها وتغير ولاءها.
يقول برنارد لويس:(وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تعدلت وتغيرت الولاءات التي كانت قائمة للخلافة الإسلامية القديمة والتي كانت تحكم العرب والعجم والترك، وحلت محلها أفكار ممزقة مبعثرة وأوروبية، هي مزيج من الوطنية والقومية ونظريات خيالية عن الوطن والقوم، حجبت الحقائق القديمة الواقعية في الدولة والعقيدة)(١).
فأصبحت بعد ذلك الأمة الواحدة أمما مختلفة ومجتمعات متعددة لكل منها شعاره ومذهبه فتمزقت وحدة الأمة وتعددت ولاءاتها بحسب شعاراتها ومذاهبها.
وكان هذا كله بسبب الغزو العسكري الذي احتل بلاد المسلمين فترات متفاوتة ركز خلالها على إفساد عقيدة الأمة وأخلاقها وقسمها بعد ذلك إلى دول ومناطق أقام لكل واحدة منها حاكما مستقلا.