[الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم شرط للإيمان بنبوة الأنبياء جميعا]
فالإيمان بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - شرط للإيمان بنبوة الأنبياء جميعا عليهم السلام، إذ لا يمكن الإيمان بنبي من الأنبياء أصلا مع جحود نبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن جحد نبوته فهو لنبوة غيره من الأنبياء أشد جحدا. وهذا يتبين بوجوه:
الوجه الأول: أن الأنبياء المتقدمين بشروا بنبوته، وأمروا أممهم بالإيمان به، فمن جحد نبوته فقد كذب الأنبياء قبله فيما أخبروا به، وخالفهم فيما أمروا وأوصوا به من الإيمان به. والتصديق به لازم من لوازم التصديق بهم، وإذا انتفى اللازم انتفى ملزومه قطعا، وبيان الملازمة هي الوجوه الكثيرة التي تلي هذا مباشرة، وهي تفيد بمجموعها القطع على أنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر في الكتب الإلهية على ألسن الأنبياء.
الوجه الثاني: أن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم هي دعوة جميع المرسلين قبله، من أولهم إلى آخرهم، فالمكذب بدعوته مكذب بدعوة إخوانه كلهم، وهذا التكذيب كفر، فوجب الإيمان بدعوته عليه السلام واتباعه.
الوجه الثالث: أن الآيات والبراهين التي دلت على صحة نبوته وصدقه - عليه الصلاة والسلام - أضعاف أضعاف آيات من قبله من الرسل، فليس لنبي من الأنبياء آية توجب الإيمان به إلا ولمحمد صلى الله عليه وسلم مثلها أو ما هو في الدلالة مثلها، وإن لم يكن من جنسها، فآيات نبوته عليه الصلاة والسلام أعظم وأكبر، والعلم بنقلها قطعي، لقرب العهد وكثرة النقلة واختلاف أمصارهم وأعصارهم واستحالة تواطئهم على