الربا محظور ديانة، ومختلف في حظره قضاء، ففي كتاب " شولحان عروخ " جاء الربا بين المحرمات الدينية والخلقية، ولم يعرض في باب الالتزامات القضائية، ويذهب بعض فقهائهم إلى أن ما أخذ من الربا لا يجوز طلب استرداده لدى المحاكم، ولو كان من ربا القرض الذي يحظره الناموس ذاته، واحتجوا بأن الجزاء الذي نص عليه الكتاب هو غضب الله تعالى الموجب للموت، فلا يجوز أن يلزم المرابي بالرد مدنيا، حتى لا يزاد جزاء على الذي اقتصر النص عليه. ولكن أكثرهم يفرقون بين ربا الناموس وربا الأحبار، ولا يجيزون المطالبة باسترداد ربا الأحبار، ويجيزونها إذا كان ما أخذه الدائن من ربا الناموس، فيكون للمدين أن يلجأ إلى المحكمة الربانية، فتحكم على المرابي بالرد، ولكن لا ينفذ الحكم باستيفاء الربا جبرا من أموال الدائن، وإنما يقتصر على إكراهه بدنيا حتى يقوم بنفسه بالرد. ويستثنون من ذلك اليتيم، فإنه إذا أخذ ربا الناموس وأنفقه، فإن لا يسترد منه، كما لا يطالب برد ربا الأحبار، بل هم أجازوا له أخذه. وكذلك إذا مات المقرض بعد أخذه الربا، فإن ورثته لا يلتزمون قضاء ولا ديانة برده (١). ويبقى من آثار حظر الربا في القضاء، أنه لا يجوز للدائن أن يطالب المدين بأداء ما حظره الناموس أو الأحبار من الربا، ويكون الربا الاعتباري مختلفا في أحكامه عن ربا الناموس، على خلاف ما تقتضيه حقيقة القياس من مساواة الفرع فيه بأصله.