للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام ومواجهته لحركات التبشير الأوروبي

في غرب أفريقيا إبان الاستعمار الإنجلو - فرنسي

بقلم: أ. د. سيد أحمد علي الناصري

من الأقوال المأثورة من الزعيم الأمريكي الأسود " مالكوم إكس " أنه خاطب مجموعة من مستمعيه البيض قائلا: (عندما جاء أجدادكم إلى أفريقيا كنا نملك الأرض، وكانوا يحملون الصلبان، أما الآن فنحن نحمل الصلبان، وهم يملكون الأرض)، والعبارة رغم ما فيها من سخرية تهكمية، إلا أنها تحمل في طياتها بعض الجوانب الصحيحة، لكنها غير واضحة وسوف نحاول في هذا البحث الموجز، أن نبين إلى أي حد حاولت المسيحية الوافدة مع المستوطنين الأوربيين البيض، مهاجمة الإسلام في غرب أفريقيا، والذي كان قد استقر على الأرض الأفريقية منذ أكثر من سبعة قرون من الزمان قبل وصول المستعمرين الأوروبيين إلى أفريقيا، وأصبحت طريقة الحياة الإسلامية تراثا أفريقيا قوميا ضارب القدم، وجدير بالدفاع عنه ضد دين وفد مع غرباء، بيض اللون، يحملون البنادق، ويجرون المدافع، وهم يلبسون " الكاكي "، وفي عيونهم جشع لخيرات أفريقيا، مدعين أنهم جاءوا باسم حضارة العالم المسكون.

يقول المؤرخ فريلش، froelich (١) . إن المستوطنين الأوربيين دهشوا، عندما وجدوا أن الإسلام قد سبقهم في تهذيب القبائل الوثنية الأفريقية، كما راعهم درجة التعليم والمهارة، التي كان يتمتع بها المسلمون الأفريقيون، سواء في نيجيريا، أو تشاد، أو السنغال، أو النيجر، حتى اضطر المستعمرون الأوروبيون إلى مهادنة الإسلام، والتوقف عن محاربته وعن مناصرة المسيحية عليه، ومن ثم أحرز الإسلام تقدما عميقا خلال الخمسين سنة التي تلت بداية الاستيطان الأوروبي لأفريقيا، يكاد يفوق تقدم القرون التي


(١) ١ - Froelich، ١oc. cit.، p. ١٧٠؛ Crowder op. cit.، p. ٣٥٧