للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولا: وسطية أهل السنة وأثرها

مما سبق في القرآن الكريم يتبين منهج أهل السنة والجماعة، فهم وسط بين الأمم، ووسط بين الفرق الغالية، ووسط بين المفرطين المتساهلين والمتشددين، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (١)، وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (٢).

قال ابن تيمية - رحمه الله - في الواسطية مقررا هذا: بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم؛ فهم وسط في باب صفات الله تعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم، وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية وغيرهما، وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية، وفي باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج.

وسبب هذه الوسطية المعتدلة:

هو تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفهمهما على فهم الصحابة على بصيرة وفقه وحكمة، ومن


(١) سورة البقرة الآية ١٤٣
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥٣