للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما فرغت من هذا البحث رأيت بعضهم أطال فيه فأحببت تلخيص ما زاد به على ما قدمته وإن كان في خلاله شيء مما قدمته قال: الكبيرة الحادية والخمسون الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (١)

فالإحسان للوالدين والأقارب بالبر. . . إلى أن قال: ومن أعظم الإساءة على الجارية أو العبد أو الدابة أن تجوعه لقوله (صلى الله عليه وسلم) «كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته (٢)» ومن ذلك أن يضرب الدابة ضربا وجيعا أو يحبسها أو لا يقوم بكفايتها أو يحملها فوق طاقتها فقد روي في تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (٣) قيل ورد في السنة: «يؤتى بهم والناس وقوف يوم القيام فيقضى بينهم حتى أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء حتى يقاد للذرة من الذرة، ثم يقال كونوا ترابا فهناك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (٤)» فهذا من الدليل على القصاص بين البهائم وبينها وبين بني آدم، (٥) حتى الإنسان لو ضرب دابة بغير حق أو جوعها أو عطشها أو كلفها فوق طاقتها فإنها تقتص منه يوم القيامة بنظير ما


(١) سورة النساء الآية ٣٦
(٢) صحيح مسلم الزكاة (٩٩٦).
(٣) سورة الأنعام الآية ٣٨
(٤) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٥٨٢)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٢٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٣٥).
(٥) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي جـ ٢ ص: ٨٤ و ٨٥. نقلته على عهدة مؤلفه.