للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظلمها أو جوعها، ويدل على ذلك حديث الهرة السابق بطرقه، وفي الصحيح «أنه رأى المرأة معلقة في النار والهرة تخدشها في وجهها وصدرها وتعذبها كما عذبتها في الدنيا بالحبس والجوع» وهذا عام في سائر الحيوانات، وكذلك إذا حملها فوق طاقتها تقتص منه يوم القيامة" لحديث الصحيحين «بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث (١)» فهذه بقرة أنطقها الله في الدنيا تدافع عن نفسها بأنها لا تؤذى ولا تستعمل في غير ما خلقت له فمن كلفها فوق طاقتها أو ضربها بغير حق، فيوم القيامة يقتص منه بقدر ضربه وتعذيبه قال أبو سليمان الداراني: ركبت مرة حمارا فضربته مرتين أو ثلاثا فرفع رأسه ونظر إلي وقال: يا أبا سليمان هو القصاص يوم القيامة، فإن شئت فأقلل وإن شئت فأكثر، قال: فقلت: لا أضرب شيئا بعده أبدا، «ومر ابن عمر رضي الله عنهما بصبيان من قريش قد نصبوا طائرا وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحبه كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا (٢)» أي هدفا يرمي إليه «ونهى صلى الله عليه وسلم "أن تصبر البهائم (٣)» أي تحبس للقتل، ثم ساق حديث ابن مسعود في قصة الحمرة وفرخيها «وأنه رأى قرية نمل قد حرقت فقال: "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار (٤)» وأنه فيه النهي عن التعذيب بالنار.

وذكر ابن رجب: رحمه الله تعالى حديث أبي يعلى " شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته (٥)». . رواه مسلم. ثم أخذ في الكلام عنه وشرحه إلى أن قال: وظاهره يقتضي أنه كتب على كل مخلوق الإحسان، فيكون كل شيء أو كل مخلوق هو المكتوب عليه، والمكتوب هو الإحسان، وقيل: إن المعنى أن الله كتب الإحسان إلى كل شيء أو في كل شيء


(١) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٧١)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٣٨٨)، سنن الترمذي المناقب (٣٦٩٥)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٤٦).
(٢) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥١٤)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٨)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٨٦)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٣).
(٣) صحيح البخاري الذبائح والصيد (٥٥١٣)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٦)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٣٩)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨١٦)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٦)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٧١).
(٤) سنن أبو داود الجهاد (٢٦٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٠٤).
(٥) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٥)، سنن الترمذي الديات (١٤٠٩)، سنن النسائي الضحايا (٤٤١٣)، سنن أبو داود الضحايا (٢٨١٥)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٢٥)، سنن الدارمي الأضاحي (١٩٧٠).