وقد ختمت رسالات الأنبياء عليهم السلام برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي أنزلها الله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وحيا يتلى على الناس، وبيانا يذاع في الخلق، ومنهجا في الحياة يمدها بكل ما تحتاج إليه في نواحي الحياة المختلفة، لتقوم حياتها على الاستقامة، ومسيرتها على الرشد، وعقيدتها على الحق، وتنظم علاقة الفرد بربه في عقيدته وعبادته وعلاقته بأفراد أسرته وحدود واجباته وحقوقه على إخوانه وعلاقته بالآخرين أفرادا وجماعات، وقد جاءت أحكام هذا الدين وقواعده عامة شاملة لكل مناحي الحياة، ومنظمة لكل العلاقات بأسلوب عظيم وبلاغة عجيبة وتنظيم محكم ورسالة باقية، تمد الحياة بكل ما تحتاجه في كل عصر ومصر، متخطية حدود الزمان والمكان والأجيال، فهي دين الله الخالد ورسالته الباقية، التي نسخ الله بها جميع الأديان وختم بها كل الرسالات والنبوات، فلا دين بعد هذا الدين، ولا نبي بعد نبي هذه الأمة، وهي من صنع الله واختياره لخلقه، وهو العالم بحالهم ومستقبل حياتهم ومآلهم وهو الرءوف الرحيم بهم، وقد واجهت هذه الرسالة الإلهية في أول أمرها من بعض العرب إعراضا وجفوة ومعارضة وشدة، ولكنها لم تلبث طويلا حتى أظهرها الله في العرب ونصر الله بها رسوله وأعز بها جنده، ورفع الله بها شأن العرب، وأنقذ بها كل أجناس البشر واستفاء الناس ظلها،