للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سادسا: المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا:

من أهم ما يعين المسلم على الصبر على النوائب والشدائد أن يتصور طبيعة الحياة الدنيا التي يعيشها، ويعرفها على حقيقتها، فليست جنة نعيم، ولا دار خلود، وإنما دار ابتلاء وتكليف. ومن عرف الحياة على هذا النحو لم يفاجأ بكوارثها، فالشيء من معدنه لا يستغرب. وقد أشار القرآن الكريم إلى أن حياة الإنسان محفوفة بالمتاعب والمشاق، وذلك في قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} (١)، كما أشار إلى طبيعة الحياة الدنيا ودوام تغيرها وعدم ثباتها على حال، وذلك في قوله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (٢). (٣)

وما أجل قول الشاعر في وصف الحياة الدنيا:

طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفوا من الآلام والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار

يقول ابن القيم في بيان علاج حر المصيبة وحزنها: ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، وليعلم أنه


(١) سورة البلد الآية ٤
(٢) سورة آل عمران الآية ١٤٠
(٣) انظر: د. يوسف القرضاري، الصبر في القرآن، ص ٨٥