للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السادس: (شروط العمل بالقراءة الشاذة وتنزيلها منزلة الخبر):

الذين يحتجون بالقراءة الشاذة وينزلونها منزلة خبر الواحد لا يقولون بها مطلقا، وإنما يذهبون إليها وفق شروط معينة إذا توافرت في تلك القراءة كانت محل الأخذ في الاعتبار عندهم، وإلا صرفوا النظر عنها تمسكا بغيرها.

ولعل هذا المبحث يلقي الضوء على هذه الشروط بشيء من الوضوح والإيجاز من خلال المطالب التالية:

المطلب الأولى: شروط العمل عند الأحناف:

الأحناف رحمهم الله تعالى يشترطون للعمل بالقراءة الشاذة أن تكون مشهورة، ولذلك لم يعملوا بقراءة أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: " فعدة من أيام أخر متتابعات ". لأنها قراءة شاذة غير مشهورة، واحتجوا بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: " فصيام ثلاثة أيام متتابعات ". لأنها كانت مشهورة في زمن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى (١).

قال التفتازاني رحمه الله تعالى: (والقراءة الشاذة لم تنقل إلينا بطريق التواتر، بل بطريق الآحاد كما اختص بمصحف أبي رضي الله عنه، أو الشهرة كما اختص بمصحف ابن مسعود رضي الله عنه) (٢):


(١) البحر المحيط (١/ ٤٧٦).
(٢) التلويح على التوضيح (١/ ٢٧)