للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الظاهرة الحضارية في القرآن والسنة]

الدكتور / عبد الحليم عويس

[بين الوجود التاريخي والوجود الحضاري]

إن ميلاد الحضارة لا يعني أن أمة ما قد ظهرت - فجأة - في التاريخ، فإن هذا الوجود التاريخي للأمم إنما هو فعل قدري بحت لا يملكه إلا خالق الوجود سبحانه وتعالى.

وإنما يقصد بميلاد الحضارة ظهور إرادة بشرية وجدت لديها عناصر الانطلاق والإبداع، فسعت إلى أن تقوم بدور حضاري، مستعلية على مجرد وجودها التاريخي الذي تشترك فيه معها سائر الكائنات النباتية والحيوانية.

إن هذا الوجود التاريخي هو وجود عام لا فضل فيه للإنسان، وهو لا يحتاج في استمراريته في المستوى الأدنى إلا لتعبير غريزي عن الحاجات الضرروية يشبه أن يكون في مستوى التعبير الحيواني عن حاجاته، وأساليب الإنسان قد لا تختلف كثيرا عن أساليب الحيوان في توفير هذه الحاجات والاستجابة لها.

أما الوجود الحضاري فهو وجود مختلف تماما عن هذا الوجود سواء في إطار (درجاته) أو في إطار (أساليب) التعبير عن هذه الحاجات والاستجابة لها.