النتيجة الثانية: لما كانت البنوك التي وجدت في العالم الإسلامي تحت ظل المستعمر في الأغلبية الساحقة بنوكا أجنبية، وكانت أداة فعالة لاستغلال أموال المواطنين تحت نير الاستعمار، وكانت المشكلة الكبرى للمسلم كيف يوفق بين قلبه الذي يمنعه من الربا، خوفا من الله، وتفكيره الذي يمنعه من ترك الفوائد الربوية عن إيداعاته لعدوه المستعمر الكافر، وكان هذا الأمر يشكل أعظم أزمة فكرية يواجهها العالم المفتي كما تصور ذلك أبلغ تصوير الفتاوى التي نقلت عن الشيخ محمد رشيد رضا.
ومن ناحية أخرى فإن البنوك الربوية الاستعمارية وقد شلت التعامل الاقتصادي المتحرر من الربا، وصارت هي المسيطرة على التعامل الاقتصادي في البلاد الإسلامية كما هي المسيطرة في غيره من العالم، قد شككت بعض المثقفين المسلمين في إمكانية الخروج عن سيطرة التعامل البنكي الربوي، وأصبح كثير من المسلمين يعتقدون أن لا بديل للاقتصاد الاشتراكي إلا الاقتصاد الرأسمالي القائم على الربا.
وحينما عقد أسبوع الفقة الإسلامي في باريس عام ١٩٥٣م حضره مجموعة كبيرة من القانونيين الغربيين، كما حضره من المسلمين الدكتور معروف الدواليبي، والشيخ محمد عبد الله دراز. وتبعا لطريقة الدكتور معروف الدواليبي في التفكير وشغفه بالحلول السياسية حتى بالنسبة للمشاكل الفقهية، ونظرا لعاطفته الإسلامية القوية ورغبته في أن يجمل وجه الفقه الإسلامي أمام علماء