للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخاتمة]

مما تقدم بحثه وبيانه رأينا كيف أن الإسلام حافظ على الكرامة الإنسانية، ومنع من مساسها بغير ضرورة واضحة، ومنع من المثلة بجسم الإنسان كائنا من كان، فقد ورد النهي عن المثلة ولو بالكلب، وعظم من حرمة الإنسان حيا وميتا فقال -صلى الله عليه وسلم-: «كسر عظم الميت ككسره حيا (١)»، وكل ذلك رفعا لمكانة الإنسان واعتبارا لإنسانيته، فكيف إذن نتخلى عن هذه الكرامة الربانية وتلك العظمة التي قد عظمه ربه.

لو أمعن الإنسان النظر ودققه لوجد أن الإذن بإعطاء الأعضاء بغرض التبرع للزرع في جسم من يحتاجها هو أيضا كرامة جديدة للإنسان الذي يبذل ويعطي في حياته وبعد مماته، وأي عظمة تداني عظمة الإنسان الذي تلك صفاته. إن الإذن بذلك ليس فيه امتهان لجثة الشخص ما دام أننا تقيدنا بالشروط التي تقدمت، والتزمنا بالقواعد الشرعية التي فصلت، وهذا يؤيده -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه (٢)»، كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أباح وضع أنف من ذهب لمن قطع أنفه، روى أبو داود قال: " حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن عبد الله الخزاعي، المعنى قالا: أخبرنا أبو الأشهب «عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا


(١) أبو داود، ج ٢، ص ٦٩، ابن ماجه، ج ١، ص ٤٩٢ وغيرهم.
(٢) رواه أحمد ومسلم وابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.