للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ورق فأنتن عليه، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم-: فاتخذ أنفا من ذهب (١)»، ولو كان الطب متقدما في زمنه -صلى الله عليه وسلم- كتقدمه في عصرنا الحاضر لأباح زرع أنف عادية، بدليل أنه أمر بوضع أنف له من أنفس المعادن، ولا شك أن الأنف التي من اللحم أنفس من تلك التي من الذهب.

كما أن نفع المحتاج بالعضو المطلوب أولى من دفنه في التراب ونحن بحاجة إليه.

وبناء على ما تقدم فإنني أرى أنه لا مانع من إعطاء الأعضاء والتبرع بها وزرعها بشرط الضرورة الملحة، والتحقق من الموت للمعطي، بإذنه المسبق أو إذن وليه، من مسلم إلى مسلم، ومن غير المسلم لغير المسلم، وبقدر الضرورة وليس من المسلم لغير المسلم، أو لمهدور الدم، كقاتل عمد أو مرتد أو زان محصن مستوجب للقصاص؛ لأن في هذا الأخير إعانة على الظلم والباطل، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (٢) وللحديث المتقدم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (٣)».

ولا مانع من إعانة هذا الصنف الأخير لعل في ذلك ما يعيده إلى جماعة أهل الحق، تأليفا لقلبه،


(١) عون المعبود بشرح ابن القيم، ط ٢، ج ١١، ١٣٨٩، ص ٢٩٣.
(٢) سورة المائدة الآية ٢
(٣) رواه أحمد ومسلم عن النعمان بن بشير.