المعاجم العربية ميدان واسع لا يفي به بحث كهذا. وقد سبق أن كتب فيه الأستاذ الدكتور حسين نصار رسالته للدكتوراه في مجلدين كبيرين. وكتب فيه بعد ذلك بحثين لمعهد التربية في بيروت (الأنروا)، اختص الثاني منهما بالمعاجم التي راعت الترتيب الألفبائي. وأردف المعهد هذين البحثين بورقة عمل. غير أننا آثرنا أن نتناوله ببحث واحد، رغم تعدد محتوياته، وتفاوتها كيلا نضطر إلى معالجته أكثر من مرة، ومع أننا اقتصرنا على جوانب منه فقد جاء على شيء من الاتساع وكان لا بد له من هذا لسعة الموضوع. فالمعاجم العربية كثيرة، منها المخطوط والمطبوع، وما اتبع هذا الترتيب أو ذاك، فالتحق بهذه المدرسة أو تلك، وغير خاف أن هذه المدارس ليست سواء في الصعوبة، والأهمية، ومقدار حاجة المتدرب إليها. غير أن مثل هذه البحوث تتقيد بعناوينها. وهي بعد هذا صورة لما تتناوله من موضوعات. فالموضوعات العسيرة المعقدة لا ينتظر أن تأتي بحوثها سهلة يستطيع كل قارئ أن يفهمها بمجرد قراءتها قراءته للصحف والمجلات. ولكن للقارئ من حرية التصرف فيها والاختيار منها ما ليس للباحث. فله أن يأخذ مما يستسهله ويروق له ويحتاج إليه أكثر من غيره. وهذا الذي يأخذه ليس بقصيدة يراد حفظها واستظهارها أو نظرية علمية تكلفه ما تكلفه من جهد التفهم والتثبت والتدقيق في كل جزء من أجزائها. فلكل موضوع طبيعته. ونحن هنا لا نطمح إلى أكثر من أن يعرف المتدرب معاجم لغته، كيلا تقتصر معرفته على ما شاع منها. ويدرك ما يقتضيه البحث عن الألفاظ فيها من إرجاع تلك الألفاظ إلى أصولها، ويدرس بإمعان منهج المدرسة التي يرى في نفسه حاجة إلى معاجمها. فلا تفوته معرفة المعاجم العربية وكيفية الإفادة منها. وما سواها من تفصيلات إنما هي معلومات هامة مفيدة يمكن أن يستفيد منها عاجلا أو آجلا، فالمتدرب هو المتحكم بها وليس لها أن تتحكم فيه ولا نريد لها ذلك والله الموفق لما فيه الخير.