للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - علة الربا في بقية الأصناف المنصوصة وهي البر والشعير والتمر والملح، اختلفوا في ذلك على أقوال:

القول الأول: أن علة ربا الفضل فيها الاقتيات والادخار وهذا قول المالكية (١)، أي مجموع الأمرين فالطعام الربوي ما يقتات ويدخر، أي ما تقوم به البينة عند الاقتصار عليه ويدخر إلى الأمد المبتغى منه عادة ولا يفسد بالتأخير (٢)، وهل يشترط مع ذلك كونه متخذا لغلبة العيش بأن يكون غالب استعماله اقتيات الآدمي بالفعل كقمح وذرة أو لا يشترط كاللوبيا؟ قولان عندهم والأكثر منهم على عدم اشتراط ذلك (٣)، ووجه التعليل بالاقتيات والادخار أنه أخص أوصاف الأربعة المذكورة (٤).

وعلة ربا النسأ عندهم مجرد الطعم لا على وجه التداوي، أي كونه مطعوما لآدمي فتدخل الفاكهة والخضر كبطيخ أو بقول كخس ونحو ذلك فيمنع بيع بعضها ببعض إلى أجل ولو تساويا، ويجوز التفاضل فيها في الجنس الواحد وغيره، فعلة ربا النسأ مجرد الطعمية، وجد الاقتيات والادخار أو لم يوجدا أو وجد أحدهما فقط (٥) فهم يفرقون بين علة ربا الفضل وعلة ربا النسأ، قال العلامة القرطبي في تفسيره: (٦) واختلفت عبارات أصحابنا المالكية في ذلك، وأحسن ما في ذلك كونه مقتاتا مدخرا للعيش غالبا جنسا كالحنطة والشعير والتمر والملح المنصوص عليها وما في معناها كالأرز والذرة والدخن والسمسم، والقطاني كالفول والعدس واللوبيا والحمص وكذلك اللحوم والألبان والخلول والزيوت والثمار كالعنب والزبيب والزيتون، واختلف في التين، ويلحق بها العسل والسكر فهذا كله يدخله الربا من جهة النسأ وجائز فيه التفاضل لقوله عليه السلام: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد (٧)»، ولا ربا في رطب الفواكه التي لا تبقى كالتفاح والبطيخ والرمان والكمثرى والقثاء والخيار والباذنجان وغير ذلك من الخضروات. اهـ.


(١) الشرح الكبير ص٣٧ - ٣٨ ج ٣ للدردير.
(٢) الشرح الصغير ص٣٧ ج ٣.
(٣) الشرح الكبير ص٤٢ ج ٣ للمالكية.
(٤) أضواء البيان ص٢٤٧ ج ١.
(٥) الشرح الكبير ص٤٢ ج ٣ للمالكية. أضواء البيان ص٢٤٧ ج ١.
(٦) ص٣٥٣ ج ٣.
(٧) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٠).