هو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد بن تيمية الحراني الدمشقي.
ولد بمدينة " حران " إحدى مدن العراق، وهي الآن في تركيا. وكانت آنذاك مهد العلم والعلماء، ولد في يوم الاثنين الموافق اليوم العاشر من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وستين وست مائة للهجرة النبوية. هاجر مع أبيه وعمره سبع سنوات إلى مدينة دمشق بعد أن أغار التتار على حران. وتجشم الصعاب مع أسرته في الطريق. كانوا يسيرون ليلا خوفا من العدو، وهم يحملون متاعهم الثمين وهو الكتب على عجلة، لعدم توافر الدواب. ويكاد العدو يلحقهم، لولا فضل الله ورحمته.
وكان والده من ذوي الفضل والعلم واشتهر أمره في الوعظ والتدريس والإرشاد والتعليم بجامع دمشق الأعظم حيث تولى مشيخة دار الحديث السكرية (١). توفي والده سنة ستمائة واثنتين وثمانين بدمشق. رحمة الله عليه.
يكاد يجمع المؤرخون على أن ابن تيمية نشأ في عفاف وتقى وصلاح، وعود نفسه على الاقتصاد في الملبس والمأكل. وكان برا بوالديه ورعا، عابدا، ناسكا، صواما، وقافا عند حدود الله، آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، راغبا في العلم وناهما له، لا يمل من المطالعة ولا يكل من البحث.
كلما دخل بابا من أبواب العلم فتحه الله على مصراعيه، وتفوق على حذاق ذلك الفن وأئمته، كان يحضر المجالس والمحافل العلمية من صغره، فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما يتحير منه أعيان ذلك العلم.