إن اعتبر العلماء التوثيق الزائد لما ينقل من كتب التفسير، أو التاريخ أو معاجم اللغة أمرا يحمد عليه الباحث وتعتبر فضيلة في حقه، فإنه في توثيق الحديث ليس فضيلة فحسب، بل هو ضرورة. وذلك للأسباب التالية:
١ - تعدد طبعات أكثر كتب السنة الشريفة.
٢ - تنوع مناهج التأليف في تلك الكتب.
٣ - كثيرا ما تبنى على الحديث المستشهد به أحكام، وتستنبط منه فوائد، ويستدل به على تحليل أمر أو تحريمه، أو مدح شيء أو ذمه. . . إلخ، ومن المعلوم أن الأحاديث جميعها ليست بمنزلة واحدة من حيث القبول والرد، كما أن المصنفات الحديثية ليست بمستوى واحد في الاحتجاج بكل ما جاء فيها. وبما أن هذه النصوص تنسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها تستلزم منا قدرا أكبر من الحيطة والتوثيق؛ لأنه يخشى من الإخلال بذلك أن ينقل الباحث حديثا مكذوبا، أو غير معتمد عند أهلهن فيحل حراما أو يحرم حلالا، فيفضي به ذلك إلى النار - والعياذ بالله تعالى - ومن البدهي أن الإخلال بتوثيق العلوم الأخرى لا يردي صاحبه في تلك الهاوية مما يضفي