[من شعر حسان المرتجل في الوفود]
بعد أن فتحت مكة تدفقت وفود القبائل العربية على المدينة تعلن إسلامها أو تفاخر الرسول بأمجادها وتكشف عن مكانها وعزتها، وسمي ذلك العام عام الوفود لكثرة الوفود التي قدمت فيه على الرسول وكان بين تلك الوفود وفد تميم وحينما ظهر لهم الرسول قالوا: يا محمد جئنا لنفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا قال: أذنت لخطيبكم فليقل، فقام عطارد بن حاجب فخطب، ولما انتهى قال الرسول لثابت بن قيس: قم فأجب الرجل فخطب ثابت، ثم أذن لشاعرهم الزبرقان بن بدر فبدأ قصيدته بقوله:
نحن الكرام فلا حي يعادلنا ... منا الملوك وفينا يقسم الربع
والربع: ربع الغنيمة وكانوا إذا غزوا في الجاهلية أخذ الرئيس ربع الغنيمة وحده وذلك ما سمي المرباع ولم يكن حسان في المجلس حين حضر وفد تميم فبعث إليه الرسول فلما حضر سمع قصيدة الزبرقان ولما انتهى منها قال عليه الصلاة والسلام: قم يا حسان فأجب الرجل فقام حسان يرتجل:
إن الذوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتبع
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
إن كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
ولا يضنون عن مولى بفضلهم ... ولا يصيبهم في مطمع طبع
أعطوا نبي الهدى والبر طاعتهم ... فما وني نصرهم عنه وما نزعوا
إن قال سيروا أجدوا السير جهدهم ... أو قال: عوجوا علينا ساعة ربعوا
ما زال سيرهم حتى استقاد لهم ... أهل الصليب ومن كانت له البيع
خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم - فاترك عداوتهم- ... شرا يخاض عليه الصاب والسلع