للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها ... إذا الزعائف من أظفارها خشعوا

لا فخر إن هم أصابوا من عدوهم ... وإن أصيبوا فلا خور ولا جزع

كأنهم في الوغى والموت مكتنع ... أسد ببيشة في أرساغها بدع

إذا نصبنا لقوم لا ندب لهم ... كما يدب إلى الوحشية الذرع

أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفرقت الأهواء والشيع

الذوائب: الأعالي ويراد منها السادة، فهر: أصل قريش، السجية: الطبيعة، الطبع بتشديد الطاء المفتوحة وفتح الباء: العيب والدنس، الوني: الفتور والضعف، ربع بالمكان: أقام فيه، استقاد لهم أهل الصليب أعطوهم المقادة، الصاب: شجر يعتصر فتخرج منه قطرات إذا وضعت في العين كان كالنار وقيل الصاب: عصارة الصبر، والسلع: نوع من الشجر، الزعانف، السفلة من الناس، الخور بضم الخاء: الضعفاء من الناس، الجزع بضم الجيم والعين جمع جازع: ضد الصابر، المكتنع: القريب، بيشة: موضع تنسب إليه الآساد، الفدع: العوج، الذرع بتشديد الذال المضمومة وضم الراء، كل ما استتر به، الذريعة: جمل يختل به الصيد فيترك مع الصيد حتى يألفه ثم يستتر به الصياد حتى يتمكن من فريسته.

عرض الزبرقان بن بدر شاعر تميم مفاخرهم في أنهم الملوك الكرام القاهرون لأعدائهم المطعمون عند القحط الذين يدين لهم السادة والأشراف وينقاد لأمرهم كل مفاخر ولا يفاخرهم أحد، وهم يفخرون على كل أحد. أما حسان فقد رد بما أملاه عليه دينه أولا وهو هداية الناس وتوجيههم إلى تقوى الله واتباع شريعته ثم رد على قول تميم بأنهم القاهرون للأعداء بتهديد ووعيد: (قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم) ثم قابل ذلك بأنهم النافعون للأشياع. فليست حياتهم قصرا على الشر دأب الكثير من قبائل العرب في جاهليتهم، وأمعن حسان في الكشف عن قوة فتك المسلمين فبين أن الناس لا يستطعيون علاج ما يوقعونه بهم فهم الذين لا يقهر حليفهم، وهم السباقون وكل سبق تابع لسبقهم، وهم الذين لا يدنسون حياتهم بعيب، والعقلاء الحلماء الذين لا يركنون إلى الجهل والحمق؛ لأن في أخلاقهم سعة وأنهم أسلموا نفوسهم وطاعتهم لرسول الله ومن ثم آتاهم الله النصر من عنده ووضح الطاعة بأنهم يجدون إذا استنهضوا، ويقفون إذا أمروا. وما زال وضعهم كذلك حتى دان أهل الصليب والبيع.

وكشف عن المسلمين في الحروب كشف تهديد فحروبهم شر يخاض فيها الصبر، وهم الشجعان المتسامون بصفاتهم حين يجزع الناس من أظفار الحرب ومخالبها، وليسوا بالفخورين حين ينالون من عدوهم، ولا الضعفاء إذا نيل منهم وهم أسد بيشة يخافهم منازلوهم، ولا يخاتلون في حروبهم فيدبون إلى عدوهم دبيب الصياد المخاتل الذي يتخذ دريئة يخدع بها صيده حتى يصيده، فذلك فعل الجبان وهم ليسوا جبناء، وحسبهم أن يكون رسول الله شيعتهم حين تفرق الأهواء القلوب.