للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبيل المؤمنين]

إذا كان الأمر بهذه المثابة فإن من طلب الهدى من غير الكتاب والسنة أو أتى بأمر زائد على ما شرعه الله فهذا بلا شك ضلال مبين وميل عن الصراط المستقيم واتباع لغير سبيل المؤمنين وإن من كان هذا شأنه لحقيق بأن يكون واقعا تحت هذا الوعيد الشديد الذي تضمنته هذه الآية الكريمة، قال تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١) فقد أمر الله تعالى باتباع سبيله وما شرع من الدين القويم، ونهى عن اتباع غير سبيل المؤمنين.

وقال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢) فقد حث سبحانه على اتباع سبيله الذي هو الكتاب والسنة حثا مقرونا بالنهي عن اتباع السبل، مبينا أن ذلك سبب للتفرق، ولذا ترى المسلمين العاملين قد لزموا سبيلا واحدا وهو سبيل الله الذي أمرهم بسلوكه، وأما أهل البدع والأهواء فقد افترقوا في سبلهم على حسب معتقداتهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (٣) وقد روى النسائي وأحمد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: «خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا عن يمينه وخطوطا عن شماله، وقال: هذه السبل المتفرقة وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه "، ثم قرأ هذه الآية حتى بلغ تتقون (٤)»


(١) سورة النساء الآية ١١٥
(٢) سورة الأنعام الآية ١٥٣
(٣) سورة المؤمنون الآية ٥٣
(٤) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٣٥)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٢).