فالتفكر يقود إلى استخراج المنافع المتنوعة من المخلوقات، فإن الله سخرها للإنسان وأودع فيها من المنافع والخيرات الدينية والدنيوية.
قال السعدي - رحمه الله -: فجميع فنون الصناعات على كثرتها وتنوعها وتفوقها - ولا سيما في هذه الأوقات - كل ذلك داخل في تسخيرها لنا، وقد عرفت الحاجة بل الضرورة في هذه الأوقات إلى استنباط المنافع وترقية الصنائع إلى ما لا حد له، وقد ظهر في هذه الأوقات من موادها وعناصرها ما فيه فوائد عظيمة للخلق، ومن القواعد المقررة أن ما لا تتم الأمور المطلوبة إلا به فهو مطلوب بطلبها، وهذا يدل أن تعلم الصناعات والمخترعات الحادثة من الأمور المطلوبة شرعا كما هي مطلوبة لازمة عقلا، وأنها من الجهاد في سبيل الله، ومن علوم القرآن، فإن الله نبه العباد أنه جعل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس، وأنه سخر لهم ما في الأرض، فعليهم أن يسعوا لتحصيل هذه المنافع من أقرب الطرق، وهي لا تعرف إلا بالبحث والتنقيب والتجارب المتكررة والدراسات المناسبة لكل نوع منها، وهذا من آيات القرآن، وهو أكبر دليل على سعة علم الله وحكمته