لقد عرف النووي مختلف الحديث وبين أهميته بقوله:" هو أن يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهريا، فيوفق بينهما أو يرجح أحدهما. . وهذا فن من أهم الأنواع ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف. . وإنما يكمل له الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه، والأصوليون الغواصون على المعاني. وصنف فيه الشافعي - رحمه الله تعالى - ولم يقصد استيفاءه بل ذكر جملة منه ينتبه بها على طريقته ".
ويجب في الحديثين المختلفين أن يكونا متساويين في القوة، فإن كان أحدهما قويا والآخر ضعيفا أو أقل منه قوة فإن الحديث الأقوى يترجح، ولا يؤبه بالحديث الأضعف، ولا يدخل هذا تحت دائرة مختلف الحديث، وإن لم يستطع علماء المصطلح التوفيق بين الحديثين يتركان معا ويكون الحديث مضطربا، وإن أولهما العلماء وجمعوا بينها جمعا مقبولا فحينئذ يؤخذ بالحديثين معا إن انطبقت عليهما شروط الصحة المتفق عليها في الحديث المقبول المعمول به.
ويتضح لنا ذلك بصورة أوضح إذا تأملنا ما جاء في فتح المغيث حيث ورد في هذا الشأن الآتي: " الجمع إن أمكن باعتبار الناسخ والمنسوخ، والترجيح إن تعين، ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين، والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط؛ لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه، وفوق كل ذي علم عليم.