للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امتنان الله تعالى على عبادة بتهيئتهم للعمل:

امتن الله تعالى على عباده بجعله النهار لهم معاشا، ومسرحا يبتغون فيه من فضله {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} (١)، {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ} (٢)، وامتن عليهم بجعله الأرض ميدانا لهذا الكسب والمعاش قال تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} (٣)، وقال تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} (٤) {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} (٥)، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (٦).

فأشار سبحانه بهذا إلى بعض نعمه على عباده بجعله الأرض مذللة طيعة لهم، لا غاية في الصلابة ولا غاية في الليونة، مهيأة للسير عليها بالأقدام، وعلى الركاب مهيأة للزرع والاستنبات مذللة للآلة التي صنعها الإنسان تستخرج كنوزها، وتحتفر آبارها، وأنهارها، وتحطم صخورها وتعبر طرقاتها، وتقيم السدود والأبراج عليها. وإلى جانب ذلك فإنه تعالى يأمر عباده بالمشي في مناكب الأرض لاستخراج خيراتها وجني ثمراتها والتمتع برزق الله المودع في طياتها، لكنه يذكر بالمصير إليه والوقوف بين يديه، من أجل أن يحسن الإنسان العمل، ولا يحمله الكسب على الغفلة والبطر.

روي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوا الرزق في خبايا الأرض (٧)».


(١) سورة النبأ الآية ١١
(٢) سورة الروم الآية ٢٣
(٣) سورة الأعراف الآية ١٠
(٤) سورة الحجر الآية ١٩
(٥) سورة الحجر الآية ٢٠
(٦) سورة الملك الآية ١٥
(٧) أخرجه الطبراني في الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان، وضعفه النسائي والبيهقي وابن طاهر، فيض القدير (١/ ٥٤٢).