للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نشأة القراءات

هذا العنوان الذي يستعمله كثير من المؤلفين، عن حسن قصد، ويؤكده المستشرقون لغرض في نفوسهم، كما سنبينه، فيه نظر؛ وذلك أن القراءات المتواترة قرآن لا شك فيه؛ فقوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (١) و (ملك يوم الدين) بالألف وبدونها {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (٢) و (اهدنا السراط المستقيم)، بسينها وصادها، وكل قراءة قرآنية متواترة، كل ذلك قرآن، وهو قديم، فلا يقال لقراءة منه: نشأت؛ لأن ذلك يشعر بالحداثة لبعضها في وقت من الأوقات.

لذا أرى، في استعمال المؤلفين المخلصين، هذا العنوان تجوزا، إن صح التعبير، وأرى في استعمال المستشرقين له مقصدا خبيثا، ونحن قد رأينا، فيما أومأنا إليه سابقا، من تعريف للقراءات بأنها اختلاف ألفاظ الوحي، كما قاله الزركشي، ما يشير إلى أن القراءة قرآن لا تنفك قرآنيتها عنه، ما دامت قد تواترت، فلا يقال لها ناشئة، إلا إذا قيل للقرآن ناشئا، وليس الأمر كذلك؛ فقد نزل الوحي بالقراءة، فيما ورد في بعض ألفاظه أكثر من قراءة، بل حين بدأ


(١) سورة الفاتحة الآية ٤
(٢) سورة الفاتحة الآية ٦