للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: الكي: انتظم الحديث: «الشفاء في ثلاث (١)» .. " على جملة ما يتداوى به الناس وذلك الحجم يستفرغ به الدم وهو أعظم الأخلاط، والحجم أنجحها شفاء عند هيجان الدم، وأما العسل فهو مسهل للأخلاط البلغمية ويدخل في المعجونات ليحفظ لتلك الأدوية قواها ويخرجها من البدن، وأما الكي فإنما يستعمل في الخلط الباغي الذي لا تنحسم مادته إلا به لهذا جعل من أسباب الشفاء وإنما نهى عنه وكرهه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم، ولهذا العرب تقول في أمثالها آخر الدواء الكي، وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ (٢) وغيره، واكتوى غير واحد من الصحابة (٣) ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم حصر الشفاء في هذه الثلاثة، فإن الشفاء قد يكون في غيرها إنما نبه على أصول العلاج، والكي آخر العلاج لإخراج ما يتعسر إخراجه من الفضلات، وإنما نهى عنه مع إثباته الشفاء فيه لكونهم كانوا يرون حسم المادة بطبعه فكرهه لذلك، فقد كانوا يبادرون إليه قبل حصول الداء لظنهم أنه يمنع الداء فيتعجل الذي يكتوي التعذيب بالنار لأمر مظنون، وهو لا يتفق له ذلك المرض


(١) صحيح البخاري الطب (٥٦٨٠)، سنن ابن ماجه الطب (٣٤٩١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٤٦).
(٢) أخرجه أحمد: ٣/ ٣٦٣، وقال الألباني في سنن أبي داود ٤٨٦٦: صحيح.
(٣) منهم خباب بن الأرت رضي الله عنه أخرجه أحمد ٥/ ١١٠، والترمذي ٣/ ٣٢، وقال: حديث حسن صحيح.