للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(د) إن أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة مشتقة وغير جامدة كما بين ذلك ابن القيم -رحمه الله- في كتابه بدائع الفوائد واحتج له، وبين أن المراد بالاشتقاق هو أن الاسم دال على صفة لله تعالى وليس علما محضا كما يزعم المعتزلة (١)، وقال في نونيته:

أسماؤه أوصاف مدح كلها ... مشتقة قد حملت لمعان

وعليه فإن المحسن مشتق من أحسن يحسن إحسانا، ومعناه أن الإحسان وصف لازم له لا يخلو موجود من إحسانه طرفة عين فلا بد لكل مكون من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد.

والله -جل وعلا- يحب من خلقه أن يتقربوا إليه بمقتضى معاني أسمائه، فهو الرحمن يحب الرحماء، وهو الكريم يحب الكرماء، وهو المحسن يحب المحسنين.

قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٢) البقرة / ١٩٥.

وقال تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (٣) القصص / ٧٧.

وقال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (٤) الرحمن / ٦٠.

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٥) النحل / ١٢٨.

والإحسان من العبد هو أعلى مقامات الدين وأرفعها كما جاء ذلك في حديث جبريل المشهور، وفسر الإحسان في الحديث بأن يعبد العبد ربه كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله -جل وعلا- يراه لا يخفى عليه منه شيء.


(١) بدائع الفوائد (١/ ٢٢).
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٥
(٣) سورة القصص الآية ٧٧
(٤) سورة الرحمن الآية ٦٠
(٥) سورة النحل الآية ١٢٨