لا شك أن هذه الشجاعة والجرأة في الحق، مع الحرص على التصدي لأمور كثيرة تفشت في البيئة الإسلامية، نتيجة الجهل والبعد عن المنهج السليم، الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه، وتلقفه عنه أصحابه لينشروه في الآفاق، وعنهم أخذ السلف الصالح جيلا بعد جيل، هذا في بعض الجوانب المتعلقة بما أدخل على الدين نتيجة التقليد، والاستسلام لرغبات النفس، والانقياد للعلماء الذين يفتون بغير ما أنزل الله، حيث كان يخشاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته، هذه الشجاعة والجرأة في الحق ما هي إلا هبة من الله لابن تيمية تبوأها بالصدق مع الله والنية المخلصة.
ولهذا فهو ينتصر على خصومه، ويظهره الله على كيد أعدائه، ثم يقابل أعمالهم بالصبر وقوة الاحتمال، فإذا قدر عفا وصفح، وقد حاول أعداؤه مرارا النيل منه، بل القضاء على حياته، ولكن حينما تمكن منهم عفا عنهم وقال: أما أنا فهم في حل من حقي، ومن جهتي، وكان القاضي زين الدين ابن مخلوف -