للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواياته

نتوقع أن يكون هذا الكتاب قد روي من طرق كثيرة، غير أن الرواة الذين ذكرهم العلماء تسعة وقد أوردنا أسماءهم في كلامنا على تلامذته.

والحق أن هؤلاء الرواة الذين عرفناهم - وغيرهم كثير ممن لم نقف على أسماءهم - قد أدوا خدمة جليلة لكتاب أبي داود، وللسنة بوجه عام، فجزاهم الله عن ذلك خير الجزاء.

وقد انتهيت من بحثي إلى كتاب " السنن " متواتر إلى صاحبه دون شك. وأن أولئك الدساسين الذين يريدون أن يشككوا المسلمين بكتب ثقافتهم الدينية وبالأصول الإسلامية قوم دفعهم إلى ذلك التعصب الأعمى والحقد الدفين.

ذكر العلماء أن الروايات عن أبي داود بكتابه " السنن " كثيرة جدا وهذا أمر طبيعي، لأن رجلا ظل يقرئ كتابه مدة تقرب من أربعين سنة لا بد أن يكون عدد الذين رووه عنه كبيرا، لا سيما أن أبا داود - كما سبق أن أشرنا إلى ذلك في ترجمة حياته - محدث مشهور يقصده الناس لعلمه وفضله حتى إن الدولة رأت في سكناه بالبصرة سببا لإحياء المدينة الميتة وعمارة القرية الخربة. ومن عادة المؤلفين أنهم دائما في تنقيح مستمر لكتبهم، يقدمون ويؤخرون ويزيدون وينقصون، وكلما نظروا في أثر من آثارهم رأوا أنه بحاجة إلى تعديل.

ومن أجل ذلك كان كلام الحافظ ابن كثير عن روايات سنن أبي داود هو الكلام الطبيعي الذي جاء نتيجة لما ذكرنا. قال في " مختصر علوم الحديث ":

(الروايات عند أبي داود بكتابه السنن كثيرة جدا، ويوجد في بعضها من الكلام بل والأحاديث ما ليس في الأخرى) (١).

ولذلك كان أبو داود يحذف بعض الأحاديث ويزيد بعضا في محاولات تنقيح الكتاب وإحكام تربيته، وقد مر معنا كلام اللؤلؤي الذي يذكر فيه أن أبا داود في المرة الرابعة لم يقرأ حديثا - ذكره - ويحسن بنا أن نتعرف إلى أصحاب هذه الروايات وهم:

١ - أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي:

وهذه النسبة تتصل بالمهنة، فهي نسبة إلى اللؤلؤ لأنه كان يبيعه وقد توفي (٢) سنة ٣٣٣ هـ.


(١) " الباعث الحثيث " ص ٤١.
(٢) " تذكرة الحفاظ " ٣/ ٨٤٥.