للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: استدل من قال بجواز الإلزام بأدلة من الكتاب والسنة والآثار:

أ - أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (١) الآية، فأمر سبحانه بطاعة أولي الأمر وهم الأمراء والعلماء وقرن حق طاعتهم بحق طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا أن حق طاعة الله وطاعة رسوله عام في كل شيء وفي كل حال، وحق طاعة أولي الأمر خاص بالمعروف، فتجب طاعتهم فيما وافق الكتاب والسنة، وفيما لم يكن فيهما لكنه لم يتعارض معهما إذا أمروا به رعاية للمصلحة

ونوقش ذلك بما تقدم بيانه من أن طاعتهم فيما وضح حكمه واتفقت عليه الأمة، أما ما اشتبه أمره واختلف فيه العلماء فالمرجع في فصل النزاع فيه الكتاب والسنة بدليل قوله تعالى في نفس الآية: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٢) الآية، ولذا استدل علماء الأصول بهذه الآية على حجية الإجماع، وبذلك تكون الآية دليلا على المنع لا على الجواز، واستدلوا أيضا بقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٣) وقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (٤) فأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستشير أصحابه في الأمر ينزل به أو بالمسلمين، وأثنى على خيار المؤمنين بأن من شأنهم أن يتشاوروا بينهم، وقرن ذلك بثنائه عليهم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وبالتناصر عند البغي عليهم ردا للعدوان ونصرة للحق، وغير هذا من الأفعال الواجبة والصفات الحميدة، ولا شك أن القضاء والفصل في الخصومات من أهم شئون المسلمين فينبغي تعاون القضاة مع كبار العلماء في حل مشاكل القضاء والعمل بمشورتهم ليكون القاضي على بصيرة فيما يحكم به بدلا من أن يستقل في ذلك بنفسه


(١) سورة النساء الآية ٥٩
(٢) سورة النساء الآية ٥٩
(٣) سورة آل عمران الآية ١٥٩
(٤) سورة الشورى الآية ٣٨