والقول بالمجاز يؤدي إلى صرف ألفاظ الوحي بشقيه: الإلهي والنبوي، عن دلالتها الحقيقية التي ما جيء بها إلا لتأدية معانيها عن طريقها.
فقولهم: إن أكثر ألفاظ اللغة مجاز، وكذلك عامة أفعالها: كقام وقعد وانطلق وجاء؛ لأن الفعل يستفاد منه الدلالة على استغراق الجنس، في حين أن الفاعل لا يكون منه تأدية ما يستغرق الفعل.
فمثلا: فعل (قام) يدل على استغراق جنس القيام، والجنس يطلق على جميع الماضي، وجميع الحاضر، وجميع الأمور الكائنات، من كل من وجد منه القيام.
ومعلوم أنه لا يجتمع لإنسان واحد - في وقت واحد، ولا في مائة ألف سنة - جميع القيام، الداخل تحت مضمون دلالة الفعل (قام).
وإذا كان الأمر كذلك، علمت أن (قام زيد) مجاز؛ لأن زيدا هذا - عندما قام - لم يستطع أداء القيام بصورته الاستغراقية المثلى، ولن يستطيع مهما حاول وأجلب، فكان قولنا عنه بأنه