للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفظ الحكم في القرآن: -

ورد لفظ [حكم] ومشتقاته في القرآن الكريم في نحو مائة موضوع ترجع في جلتها إلى القضاء والفصل بالحق والعدل؛ لمنع العدوان والظلم. منها، قوله تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (١) الآية. هذه وصية من الله عز وجل - لداود، ولولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى وتحذيرهم من اتباع الهوى والضلالة عن القصد والعدل وقد توعد تبارك وتعالى في آخر الآية من ضل عن سبيله بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (٢) قال السدي: (لهم عذاب شديد بما تركوا أن يعملوا ليوم الحساب). قال ابن كثير في تفسيره: وهذا القول أمشى على ظاهر الآية.

- ومما وجه للولاة والحكام قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} (٣) الآية قال العلماء: نزلت هذه الآية في ولاة الأمور، عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (٦٦١ - ٧٢٨ هـ): وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والسياسة الصالحة (٤).

- ومنها ما وجه إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} (٥).


(١) سورة ص الآية ٢٦
(٢) سورة ص الآية ٢٦
(٣) سورة النساء الآية ٥٨
(٤) السياسة الشرعية ص (٤ - ٥).
(٥) سورة النساء الآية ١٠٥