للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦ - مرسل سعيد بن المسيب

لقد اختلف علماء الشافعية بالنسبة لمرسلات سعيد - رحمه الله - فمنهم من يراها حجة، ومنهم من يراها ليست بحجة، بل هي كغيرها من المراسيل، وسبب اختلافهم راجع إلى فهم عبارة الإمام الشافعي التي وردت في مختصر المزني: " وإرسال ابن المسيب حسن ".

وسبب تخصيص مرسلات سعيد من غيرها عندهم؛ لأنه من أولاد الصحابة، فإن أباه المسيب ابن حزن من أصحاب الشجرة وبيعة الرضوان، وقد أدرك سعيد عمر وعثمان إلى آخر العشرة، وهو فقيه الحجاز ومفتيهم وأول الفقهاء السبعة، وقال الحاكم: وأيضا فقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره (١)، اهـ.

والعبارة كما جاءت في مختصر المزني: قال الشافعي: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن ابن المسيب: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان»، وعن ابن عباس أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر رضي الله عنه فجاء رجل بعناق فقال: أعطوني جزءا بهذه العناق، فقال أبو بكر: لا يصلح هذا. وكان القاسم بن محمد وابن المسيب وعروة ابن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن يحرمون بيع اللحم بالحيوان عاجلا وآجلا يعظمون ذلك ولا يرخصون فيه، قال: وبهذا نأخذ: كان اللحم مختلفا أو غير مختلف، ولا نعلم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خالف في ذلك أبا بكر وإرسال ابن المسيب عندنا حسن (٢)، اهـ.

قال النووي اشتهر عند فقهاء أصحابنا أن مرسل سعيد حجة عند الشافعي حتى إن كثيرا منهم لا يعرفون غير ذلك، وليس الأمر على ذلك (٣). وقال الخطيب: اختلف الفقهاء من أصحاب الشافعي في قوله هذا، منهم من قال: أراد الشافعي به أن مرسل سعيد بن المسيب حجة؛


(١) راجع معرفة علوم الحديث ص ٢٥ - ٢٦.
(٢) مختصر المزني بهامش الأم ٢: ١٥٧ - ١٥٨.
(٣) فتح المغيث ١: ١٤٠.