للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خامسا: " أرض المحشر "

قال الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (١) بعدما تقوم القيامة ويحدث خراب الأرض وموت من عليها، والسماء وموت من فيها، إلا قيوم السماوات والأرضين {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (٢) له الأمر من قبل ومن بعد، ويحين الوقت الذي تجمع فيه الخلائق، يبدل الله جل وعلا الأرض التي تحشر عليها الخلائق بأرض أخرى، ويبدل السماوات كذلك.

عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهم بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك. أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ (٣)» وهذا بعد فناء المخلوقات، يطوي سبحانه وتعالى السماوات ويأخذهن بيمينه والأرضين بشماله. وفي هذا دلالة على عظمة الله وعظيم قدرته وعظم مخلوقاته، فهو الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء.

وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «جاء حبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد أو يا أبا القاسم إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا


(١) سورة إبراهيم الآية ٤٨
(٢) سورة الرحمن الآية ٢٧
(٣) رواه مسلم في صحيحه كتاب صفة المنافقين وأحكامهم حديث ٢٧٨٨، ورواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة بلفظ: " ويقبض الله الأرض ويطوي السماء " ولم يذكر " أين الجبارون؟ أين المتكبرون " كتاب التوحيد باب ٦ حديث ٧٣٨٢، وابن ماجة مقدمة ١٣، والدارمي رقاق ٨٠، وأحمد في المسند ٢/ ٣٤٧.