جاء الإسلام يحمل رسالة هدى ورحمة للناس كافة، فأقام نظامه الاجتماعي على أسس من العدالة الشاملة، تمتنع فيها أسباب الحيف والظلم، قانونيا كان أو اجتماعيا أو اقتصاديا.
وقد ألف الإسلام في بناء المجتمع بين أصول أخلاقية واقتصادية وسياسية، ولم يجعلها وحدات منعزلة إحداها عن الأخرى، بل أدمج بعضها في بعض، بحيث تتكون منها مجموعة متعاونة متماسكة، صنعت من هذا البناء كتلة حية، تتفاعل فيها هذه الأصول تفاعلا وثيقا، سعيا إلى الوفاء بحاجات البشر الخالدة.
ولا عجب إذا أن أولى الإسلام عنايته الكبرى باقتصاد الأمة، وعمل على حفظ التوازن بين مصلحتي الفرد والجماعة بمظاهر مختلفة، منها ما نلحظه في الأحكام التي شرعها في التسعير، فحال دون أن يتحكم التاجر ويتعسف في استعمال حقه فيضر بمصلحة الناس، وأثبت له شخصيته التي ينفي بها أسلوب:(السوق السوداء) المقيت.
وقد رأيت من الضروري أن أبحث موضوع التسعير بحثا فقهيا موازنا في المذاهب الإسلامية كافة، بيانا لموقف التشريع الإسلامي منه، وإظهارا